لماذا يفضل المستثمرون إقليم كوردستان؟

لماذا يفضل المستثمرون إقليم كوردستان؟

الاستثمار هو عامل مهم لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي بلد، خاصة في ظل التحديات والفرص التي توفرها العولمة والثورة الرقمية.

لكن الاستثمار لا يتحقق بشكل تلقائي، بل يحتاج إلى بيئة مواتية تشجع المستثمرين على الدخول والبقاء في السوق.

ولقد شهدت السنوات الأخيرة إقبالاً متزايداً من قبل المستثمرين الأجانب والعرب لدخول أسواق إقليم كوردستان، للعمل وإقامة مشاريع في مختلف قطاعات الاقتصاد، مدفوعين بجملة عوامل جاذبة للاستثمار في الإقليم، فيما لم تستطع باقي مناطق العراق مواكبة هذا التطور الحاصل في كوردستان.

الأمن والاستقرار:
إقليم كوردستان يتمتع بمستوى عال من الأمن والاستقرار السياسي والأمني، مقارنة بباقي مناطق العراق التي تشهد توترات وصراعات وتهديدات إرهابية. هذا يجعل الإقليم مكانا آمنا ومناسبا للمستثمرين الذين يبحثون عن فرص استثمارية مربحة ومستدامة.

فإقليم كوردستان لم يتأثر بشكل كبير بالحروب والصراعات التي شهدها العراق منذ عام 2003، ونجح في تأمين حدوده وحماية سكانه من التهديدات الإرهابية، خاصة من تنظيم داعش. كذلك، استطاع الإقليم تشكيل حكومة محلية تتمتع بدرجة عالية من الحكم الذاتي والديمقراطية والشفافية، مما زاد من ثقة المستثمرين والشركاء الدوليين في الإقليم.

بالمقابل تعاني معظم مناطق العراق من انعدام الأمن والاستقرار بسبب الحروب والصراعات والإرهاب والتوترات السياسية والطائفية، مما يزيد من المخاطر والتكاليف للمستثمرين.

كذلك، تشهد البلاد اضطرابات اجتماعية واحتجاجات شعبية متكررة تطالب بتحسين الخدمات العامة ومحاربة الفساد وإصلاح النظام السياسي، مما يؤثر على سير الأعمال والإنتاجية.

التشريعات والتسهيلات:
إقليم كوردستان يتبنى سياسات وتشريعات مشجعة ومحفزة للاستثمار، من خلال توفير حوافز وامتيازات للمستثمرين، مثل الإعفاء من الضرائب والرسوم، وتخصيص أراضٍ وموارد طبيعية، وتسهيل إجراءات الترخيص والتسجيل، وحماية حقوق الملكية والعقود. كما يوجد في الإقليم هيئة استثمار خاصة تتولى توفير الخدمات والدعم للمستثمرين المحليين والأجانب.

وقد أصدر إقليم كوردستان قانون استثمار خاص به في عام 2006، وهو أول قانون استثمار في العراق. هذا القانون يضمن حقوق المستثمرين ويوفر لهم مزايا عديدة، مثل تخفيض أو إلغاء الضرائب والرسوم الجمركية، وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات والإقامات، وتخصيص أراضٍ وموارد طبيعية للمشاريع الاستثمارية، وحماية الملكية الفكرية والتحكيم في حالة النزاعات.

كذلك، يوجد في الإقليم هيئة استثمار خاصة تتولى توفير الخدمات والدعم للمستثمرين المحليين والأجانب، وتسعى لجذب المزيد من الاستثمارات إلى الإقليم من خلال ترويج فرص الاستثمار عبر موقع Invest Kurdistan.

أما في العراق، ورغم إقرار قانون استثمار عام 2006، إلا أن هذا القانون لم يطبق بشكل كامل وفعال في جميع المحافظات، بل توجد تضاربات وتعقيدات في التشريعات والإجراءات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية، مما يصعب على المستثمرين الحصول على التصاريح والتسهيلات اللازمة.

كذلك، تفتقر البلاد إلى هيئة استثمار مستقلة وفعالة تتولى ترويج فرص الاستثمار وحل المشكلات التي تواجه المستثمرين.

البنية التحتية والسوق:
إقليم كوردستان يشهد تطورا ملحوظا في مجالات البنية التحتية، مثل الطرق والجسور والكهرباء والاتصالات والنقل والسكن. هذه المجالات توفر فرص استثمارية متنوعة وواسعة للمستثمرين، خاصة في قطاعات الإنشاءات والخدمات.

ففي عام 2022، صدرت 89 رخصة استثمارية للإقليم، منها 35 رخصة في قطاع الإسكان، كذلك، يتميز الإقليم بسوق محلية نشطة وحيوية، تضم سكانا ذوي دخول مرتفعة نسبيا، وتفتح أبوابها للسلع والخدمات المحلية والأجنبية، ففي عام 2022، بلغ حجم التجارة الخارجية للإقليم 9.5 مليار دولار، منها 8.5 مليار دولار واردات و1 مليار دولار صادرات.

كذلك، يتميز الإقليم بسوق محلية نشطة وحيوية، تضم سكانا ذوي دخول مرتفعة نسبيا، وتفتح أبوابها للسلع والخدمات المحلية والأجنبية.

فيما تعاني البنية التحتية في العراق من تهالك وضعف شديدين بسبب سنوات من الحروب والإهمال، مما يؤدي إلى نقص في الكهرباء والماء والطرق والاتصالات وغيرها من الخدمات الأساسية، هذه الوضعية تزيد من التكلفة والصعوبة للمستثمرين في إقامة مشاريعهم.

كذلك، تشهد سوق العمل في العراق نسبة بطالة عالية، خاصة بين الشباب، مع نقص في المهارات والتأهيل للوظائف المطلوبة.

أيضًا، تتأثر سوق المنتجات بانخفاض الطلب المحلي نتيجة لانخفاض دخول المواطنين جراء أزمة اقتصادية حادة.

العلاقات الخارجية:
إقليم كوردستان يحظى بعلاقات جيدة مع دول الجوار، خاصة تركيا وإيران، التي تشكل شركاء تجاريين هامين للاقتصاد الكوردي، ففي عام 2022، بلغ حجم التجارة بين الإقليم وتركيا 8 مليار دولار، وبين الإقليم وإيران 1.5 مليار دولار.

كذلك، يحافظ الإقليم على علاقات إيجابية مع دول عربية أخرى، مثل الإمارات والأردن، التي تستثمر في مشاريع مختلفة في الإقليم.

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الإقليم بدعم وتعاون من المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تقدم المساعدات والخبرات والفرص للإقليم.

فيما يواجه العراق صعوبات في تحسين علاقاته مع دول الجوار، خاصة تلك التي تشهد صراعات أو عداء مع بغداد، مثل تركيا وإيران. هذه الصراعات تؤثر على التجارة والاستثمار بين العراق وهذه الدول، وتزيد من التوترات الأمنية والسياسية.

كذلك، يعاني العراق من نقص في الدعم والتعاون من المجتمع الدولي، خاصة في مجالات الإصلاح الاقتصادي والحوكمة ومكافحة الفساد.

وبالخلاصة، نجد أن العراق، ورغم امتلاكه إمكانات كبيرة للاستثمار في مختلف القطاعات، لكنه يواجه عوائق جسيمة تحول دون استغلال هذه الإمكانات بشكل كامل وفعال، فيما إقليم كوردستان حقق نجاحات ملحوظة في جذب وترويج الاستثمار، بفضل توفيره لبيئة أكثر أمنًا واستقرارًا وديمقراطيةً وشفافيةً من باقي مناطق العراق التي تعاني من انخفاض شديد في مستوى الاستثمار، بسبب انعدام الأمن والاستقرار، والفساد والروتين، والضعف في البنية التحتية والسوق، والصراعات مع دول الجوار.

باسنيوز