ما قصة الأغنية التي كان حافظ الأسد يستفز بها صدام حسين؟

ما قصة الأغنية التي كان حافظ الأسد يستفز بها صدام حسين؟
حافظ الأسد وصدام حسين

ربما يستغرب الجيل القديم أنّ مستبداً ما قد استخدم أغنية أو مسلسلاً أو فيلماً بسبب ضيق وصول المعلومة في ذلك الزمن واقتصارها على الإعلام الرسمي، وذلك لإغاظة الطرف الآخر بسبب صراع سياسي بين الدولتين، ولأسباب شخصية ومناكفات، ما كان له أثر بالغ في العلاقات الدبلوماسية.

تسببت "صبحة طلفاح المسلط"، والدة الديكتاتور صدام حسين، بمنع أغنية نالت شهرة واسعة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وهي "يا صبحة هاتي الصينية" للفنان السوري موفق بهجت.

ممنوعة في العراق
وقال الكاتب والمدون السوري خطيب بدلة في مدونة له بصحيفة العربي الجديد، في سبتمبر 2017، إنّ "هذه الأغنية أحدثت إشكالية أمنية في العراق، فكانت كفيلةً بإرسال مَن يُضْبَط متلبساً بغنائها إلى المعتقل، بتهمة السخرية من (أم المناضلين)، والدة صدام حسين".

وأضاف: "في منتصف الثمانينيات، وأثناء تنظيم معرض عن حياة السيدة (صبحة طلفاح) والدة صدام، وبحضور عددٍ كبيرٍ من الزائرين، وبعد الافتتاح، انطلقت أغنية موفق بهجت في القاعة (يا صبحة هاتي الصينية)، فأرغى خير الله طلفاح، خال صدام، وأزبد، واعتبر أن بث هذه الأغنية إنما هو للسخرية من (أم المناضلين)، فأحال مديرة المعرض إلى مجلس تحقيقي، وعاقب جميع موظفي القاعة".

ولفت خطيب بدلة في تدوينته إلى أنّ "حافظ الأسد عُرف بلقب (أبو سليمان) متكنياً باسم جده الثاني الذي ينقطع نسبه عنده، هذا الأمر كان قد عيره به صدام حسين في القمة العربية عام 1982 قائلاً له: "أتحداك أن تذكر اسم جدك الثالث".

حافظ الأسد ينتهز الفرصة
ربما لم ينسَ حافظ الأسد ذلك التعيير في نسبه ولقبه، خصوصاً أن صدام لطالما افتخر بقبيلته التكريتية، في حين أنّ الأسد الأب لم يكن لديه ذلك، فعندما سمع بمنع الأغنية المذكورة في العراق بات يهتم فيها ويطلب بثها ليلاً ونهاراً في سوريا.

وذكر الكاتب السوري فؤاد عبد العزيز، في مقال له بصحيفة "زمان الوصل" السورية، في 27 يوليو 2019، أن عراقياً روى له أنّ "صدام لم يمنع بثها على الإذاعة والتلفزيون فحسب، وإنما منع الدندنة بها في المنازل وفي الشوارع، وقد تصل عقوبة من يسمع وهو يغنيها إلى الهلاك".

وقال عبد العزيز: إنّ "صديقاً من قيادات الحزب (البعث السوري) في الثمانينيات، قال لي: إن حافظ الأسد التقط فكرة انزعاج صدام حسين من الأغنية، فأوعز للإذاعة والتلفزيون السوري بأن يبثاها أكثر من مرة في اليوم، ثم تم الطلب من موفق بهجت أن يعيد تصوير الأغنية في الثمانينيات، والتي يعود تاريخها للعام 1973".

وأضاف أنه "تم الطلب من أم عمار (المذيعة السورية الشهيرة ماريا ديب)، أن تبث الأغنية كل خميس في برنامجها (ما يطلبه الجمهور)، حتى لو لم يطلبها أحد.. كون بث التلفزيون السوري كان يصل إلى المناطق الحدودية العراقية".

وأردف الكاتب أنّ "موفق بهجت كان ضيفاً دائماً على جميع الحفلات الغنائية التي كان يحييها أو يبثها التلفزيون (السوري)، ومطلوب منه أن يغني (يا صبحة) وأن يتنغم بها، مع الإطالة ما استطاع، وأحياناً كان يغنيها أكثر من مرة في الحفلة الواحدة".

ووصلت المناكفات والصراعات بين صدام حسين ورأس النظام السوري آنذاك حافظ الأسد، القادمين من خلفية سياسية واحدة (حزب البعث العربي الاشتراكي)، إلى حد دعم كل طرف لمعارضة الآخر.