لماذا نحب الطعام الحار؟
شعورٌ ناريٌّ يرقص على اللسان ويسبب هديرًا في المعدة، يترافق مع ارتفاع درجات حرارة جسمنا، هكذا يُمكن وصف تجربة تناول الطعام الحارّ.
مع ذلك، ليس سرًا أنّ الكثير منّا يعشقون الطعام الحار للغاية، ويصرّون على أن أجنحة الدجاج التي يأكلونها "ليست حارة بما فيه الكفاية".
للوهلة الأولى لا يبدو الأمر منطقيًا، أن نتناول ونستمتع بالأطعمة الحارة التي قد تسبب ألمًا جسديًا لنا، ليس فقط في الفم، ولكن في بعض الأحيان في جميع أنحاء الجسم.
لماذا إذًا نُقبل على تناول الأطعمة الحارة على الرغم من أنها تُسبّب لنا الألم؟
أولًا، لا بد من الانطلاق من أنه لطالما كان الطعام الحارّ جزءًا لا يتجزّأ من العديد من الثقافات حول العالم عبر التاريخ، من خلال وصفات وتوابل ونكهات مميزة.
ويُعتقد أنّ أصل الفلفل الحارّ يعود إلى قارة أميركا الجنوبية، حيث تمّ استخدامه من قبل شعوب الإنكا والأزتك منذ أكثر من 6000 عام، وفق موقع "ليغال نومادز".
فقد استخدموه كنوعٍ من التوابل لإضافة نكهةٍ مميزةٍ إلى طعامهم، كما استخدموه في الطب الشعبيّ لعلاج مختلف الأمراض.
ويعتقد العلماء أن الطيور هي المسؤولة بشكل رئيسي عن انتشار الفلفل الحار البري خارج مناطق نشأته، فالطيور ليس لديها مستقبلات تشعر بلسعة توابل الفلفل الحار ولا تسبب أي ضرر لجهازها الهضمي، وبعد ذلك تم تدجين الفلفل الحار عن طريق سكان أميركا الوسطى قبل أن ينتشر في كل أصقاع الأرض.
ومع اكتشاف العالم الجديد، انتشر الفلفل الحارّ إلى مختلف أنحاء العالم، ليُصبح عنصرًا أساسيًا في العديد من المأكولات.
ففي الهند، يلعب الفلفل الحارّ دورًا هامًا في المطبخ الهنديّ، حيث يتمّ دمجه مع مختلف التوابل والبهارات لخلق نكهاتٍ فريدةٍ من نوعها مثل البرياني، والكاري وغيرها.
وفي المكسيك، يُعدّ الفلفل الحارّ جزءًا لا يتجزّأ من المطبخ المكسيكيّ، حيث يُستخدم في تحضير مختلف الأطباق، مثل التاكو والبوريتو والسالسا.
كذلك الحال في الصين، حيث يُستخدم الفلفل الحارّ في العديد من الأطباق، خاصةً في المطبخ السيشوانيّ الذي يُشتهر بنكهاته الحارة.
التفسير العلمي لحب الطعام الحار
الشعور بالحرق والألم الذي عند تناول الفلفل الحار ناتج عن مركب يسمى "الكابسيسين"، فعند تناوله يحفز مستقبلات الألم في جسمك، مما يرسل إشارة تحذير إلى الدماغ بأنك ربما تكون قد فعلت شيئًا خطيرًا قليلًا.
بمعنى آخر، يتم خداع دماغنا إلى الاعتقاد بأن لساننا يتعرض لحرارة شديدة.
ويصف موقع "كوكينغ جيني" الفلفل الحار والتوابل الحارة بأنها ليست "طعمًا" بل إحساسًا يأتي من المركب الكيميائي "كابسيسين"، وهو المادة التي تجعل الفلفل الحار حارًا.
هذا التفاعل هو في الأساس سبب حرارة الطعام الحار، حيث أن الكابسيسين يخدع الدماغ ليحس بالحرقة في حين لا يوجد أي حرارة على الإطلاق.
واستجابة لهذا الشعور، يطلق الجسم مادة الأندروفين وهي هرمونات تسبب الشعور بالرضا، وهذه هي طريقة الجسم لمحاولة التخلص من "التهديد" الذي يشعر به عند تناول الطعام الحار.
وقد يفسر هذا الإطلاق الكيميائي ربط بعض الناس بين تناول الأطعمة الحارة والشعور بالسعادة، يشبه الشعور الجيد الذي تحصل عليه بعد التمرين.
كما أنه يشعر الجسم بالتهديد، يطلق هرمون الأدرينالين وهو الهرمون المعروف بهرمون البقاء على قيد الحياة، والذي يمكن أن يعطي الشخص الذي يتناول طبقًا ناريًا من المعكرونة شعورًا بالإثارة مع ارتفاع ضربات القلب، تمامًا مثل القيام بنشاط خطر كالقفز الحر.
وباختصار، فإن الإجابة على سبب حب الناس للطعام الحار هي "الإثارة" التي يحصلون عليها منه.
الفلفل الأشد حرارة في العالم
يُعدّ فلفل X، الذي يزرعه إيد كوري من شركة PuckerButt Pepper Company في ساوث كارولينا الأميركية، الفلفل الأشدّ حرارةً في العالم، وفقًا لموسوعة "غينيس" للأرقام القياسية.
ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حصد فلفل X لقب "أشدّ الفلفل حرارةً"، مُطيحًا بفلفل كارولينا ريبر الذي ابتكره كوري أيضًا من على عرشه.
وبحسب موقع "يو إس آي توداي" يُسجّل فلفل X على مقياس سكوفيل الذي يُستخدم لقياس حرارة الفلفل، ما يقارب 2.7 مليون وحدة سكوفيل للحرارة (SHU).
وللمقارنة، يسجّل فلفل الهالبينو ما بين 2500 إلى 8000 وحدة سكوفيل للحرارة، بينما يُسجّل الفلفل الأحمر الحارّ ما بين 30 ألف إلى 50 ألف وحدة سكوفيل للحرارة.
المصدر: alaraby